هذا، وبعد جولان الفكر في أرجاء سماء السيرة الشريفة وما فيها من كواكب لامعة، وأنوار ساطعة، من أخباره صلى الله عليه وآله وسلم وهديه الشريف، وقع الاختيار بتوفيق الله تعالى على مواقف لسيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم تبين عظيم خلقه صلوات الله عليه وعلى آله، وعظيم كمال نفسه الطاهرة، من تواضع وصبر، وحلم ورحمة، وصفح وتجاوز، وتنزل ومداراة، شملت القريب والغريب، والصديق والعدو، والبشر والحيوانات.
ثم قسمت ذلك أقساما:
مع الرجال.
مع الصبيان.
مع النساء.
مع الأعراب.
مع المنافقين.
مع المشركين.
مع اليهود.
مع الحيوانات.
أذكر الحادثة موثقة من كتب الحديث والسير، ثم أعقب كل حادثة بما يفاد منها، وبما تدل عليه من آداب وأخلاق وأحكام، معرضا عن ذكر الأحكام الفقهية ذات الخلاف، إذ هي ليست مقصد الكتاب ولا رسالته، جاعلا ذلك تحت عنوان (الفوائد). بادئا بما أحسبه من غريب الألفاظ، التي تحتاج توضيحا. وكل فائدة موثقة من مصدرها، وإن لم تكن موثقة فهي مما خطر لكليل ذهني.
جاعلا بين يدي ذلك كله توطئة في الكلام على تواضعه صلى الله عليه وآله وسلم ورحمته وكريم خلقه وعظيم أدبه، وذكر بعض الآثار في ذلك"